لما أكمل الإمام عبد السلام ياسين السنوات الأربع في معهد ابن يوسف بتفوق، تقدم لاجتياز مباراة توظيف المعلمين، فكان نجاحه فيها وسيلة متميزة للانفتاح على عالم جديد واستئناف مسيرة التعلم الذاتي. التحق بمدرسة المعلمين بالرباط “وهي مدرسة حكومية، وكان مديرَها فرنسيٌّ يسمى “تيبيي” (TIBIER). وكان يشرف عليها “روكس” وهو من كبار المستشرقين”. وقد وجد في الانتقال من مراكش إلى الرباط فرصة سانحة لتوسيع مداركه من خلال ما أتاحته له داخلية مدرسة مولاي يوسف من تعارف وتواصل وتلاقح مع تلاميذ قدموا من مناطق شتى خاصة في أوقات الاستراحة وقاعات المطالعة، فكان لعامل التنافس الأثر الأكبر في صقل قدراته ومعارفه، خاصة تعلم اللغات الحية واجتياز امتحان “شهادة العربية الفصحى” (Certificat d’Arabe Classique).
نجح المعلم الجديد في امتحان التخرج من مدرسة المعلمين، ولكنه قبل حفل التخرج بلغه الخبر المفجع: مات الوالد. كانت مصيبة عصيبة ثقيلة، وكانت إشارة أولى من إشارات القدر؛ فالوالد أتم مهمته بنجاح ثم أفضى إلى ربه، وتسلَّم الولد مسؤولية أمّ كانت هي كل أسرته.